هناك علاقات اقتصادية بين الدول تتحرك بموجبها السلع والخدمات ورؤوس الأموال والأفراد ، ويترتب عن ذلك علاقات دائنة ومديونية فيما بينها تتطلب تسويتها إجراء مدفوعات خارجية لكن النظر إلى هذه العلاقات يتم من زاويتين الأولى زاوية الوضع القائم في لحظة معينة وتمثل المقيمين في الدولة وما لهم من حقوق على الدول الأخرى ومالهم من التزامات للدول الأخرى
نتيجة للمبادلات الاقتصادية التي تمت خلال فترة زمنية في الماضي والثانية زاوية الأحداث والعمليات الاقتصادية التي تمت خلال فترة زمنية ممتدة بين الداخل والخارج فالزاوية الأولى نطلق عليها " ميزان الدائنية والمديونية " والزاوية الثانية " ميزان المدفوعات " والذي سأقوم بالتركيز عليه في مدونة المحاسب الأول .
تعريف ميزان المدفوعات
يمثل ميزان المدفوعات سجل لكافة المبادلات الاقتصادية التي تتم بين مقيمي دولة ما " صاحبة الميزان " ومقيمي دول العالم الأخرى خلال فترة زمنية محددة بسنة بالأسعار الجارية أو اسعار السوق ويتبع إعداد السجل أسلوب القيد المحاسبي المزدوج فهناك مخلات دائنة إشارتها موجبة تعكس المبادلة التي تؤدي إلى تدفق الأموال من الخارج إلى البلاد ومدخلات مدينة إشارتها سالبة وهي المبادلات الت تؤدي إلى خروج الأموال من البلاد .
أقسام ميزان المدفوعات
يقسم ميزان المدفوعات إلى قسمين رئيسيين :
1 - ميزان الحساب الجاري
ويشتمل حساب السلع والخدمات والذي يتكون بدوره من الحسابات التالية :
أ - حساب السلع : وسمي الميزان التجاري ويصف العلاقة بين صادرات وواردات البلاد من السلع ، فإذا زادت الصادرات عن الواردات تكون البلاد في حالة فائض ويكون الميزان التجاري لصالحها والعكس بالعكس وتقيد قيم صادرات السلع في الجانب الدائن وقيم واردات السلع في الجانب المدين .
ب - حساب الخدمات أو التجارة غير المنظورة أو المبادلات غير المنظورة وهذه مبادلات لا تتطلب تبادل سلع ملموسة ومن أمثلتها نفقات السياحة والسفر والمواصلات وخدمات التأمين والخدمات الإدارية وغيرها كما يشمل هذا الحساب دخل الإستثمارات فالدولة التي تملك استثمارات في الخارج تتلقى سنوياً مبالغ في صورة عوائد على هذه الإستثمارات وهي تؤثر على التدفقات النقدية تماماً كما تفعل حركة السلع مثل نفقات السياح اليمنيين في الخارج تقيد في الخارج في الجانب المدين من ميزان المدفوعات اليمني والدخل الذي تحققه استثماراتهم في الخارج تسجل في الجانب الدائن .
وكذلك حساب التحويلات الأحادية ويشمل انتقال الموارد في اتجاه واحد مثل الهبات والصدقات والهدايا وتحويلات العمالة في الخارج ومدفوعات معاشات التقاعد للأجانب والمواطنين المقيمين خارج البلاد وغيرها .
2- ميزان حساب رأس المال
تشمل التدفقات الرأسمالية من قروض واستثمارات التي يقوم بها المواطنون والأعمال في الخارخ مثال : مواطن يمني يودع حساباً في سويسرا أو مواطن إماراتي ينشئ مصنعاً في اليمن ويقسم ميزان حساب رأس المال إلى قسمين :
أ- تدفقات رأسمالية طويلة المدى : وهي تدفقات تبقى في الخارج مدة تزيد عن السنة مثال : اذا اشترى المحاسب الأول من اليمن جزءاً من مصنع في دبي تسجل في الجانب المدين من ميزان المدفوعات اليمني أو شراء مواطن سعودي سندات حكومية يمنية وفترة استحقاقها أطول من سنة تسجل في الجانب الدائن من ميزان المدفوعات اليمني .
ب -تدفقات رأسمالية قصيرة المدى : وهي تدفقات تبقى في الخارج مدة سنة أو أقل من أمثلتها شراء الأجانب للأسهم اليمنية أو شراؤهم لأذونات الخزانة اليمنية يضاف إلى ذلك ما تحتفظ به البنوك المركزية من احتياطيات من النقد الأجنبي حيث تقيد هذه الإحتياطيات في الجانب المدين .
الأخطاء والسهو
جانب المدين يجب أن يتساوى مع جانب الدائن في ميزان المدفوعات بسبب اتباع أسلوب القيد المزدوج وعندما لا يتساوى الجانبان ولاجل جعلهما يتساويان بضاف بند الأخطاء والسهو بالزائد أو بالناقص على كل كون ميزان المدفوعات في حالة توازن لا يعني بالضرورة أن كل حساب من حساباته في حالة توازن فعلى سبيل المثال قد يكون ميزان الحساب الجاري في حالة فائض بينما يكون ميزان حساب رأس المال في حالة عجز .
سياسات تحقيق التوازن
1- نظام سعر الصرف الحر
2- مستويات الأسعار والدخول
3- الرقابة الحكومية
لن أقوم بشرح تلك السياسات لأنه ليس المهم أن يكون ميزان المدفوعات في حالة توازن لكن الأهم هو المبادلات التي تمت في سبيل تحقيق ذلك ولهذا يجب التمييز بين المبادلات المستقلة والمبادلات التعويضية .
فالمبادلات المستقلة هي كذلك لأنها تنتج عن عناصر خارج ميزان المدفوعات وهي الصادرات ، الواردات ، التحويلات ، المبادلات الحكومية وصافي الحركات الرأسمالية أي أنها ميزان الحساب الجاري وميزان حساب رأس المال أضف الى بند السهو والخطأ ومجموعها يسمى حساب التسوية الرسمي ، وتعتبر المبادلات المستقلة بمثابة نافذة تطل على ميزان المدفوعات فعلى سبيل المثال : صادرات وواردات السلع يمكن تجزئتها حسب نوع السلعة وهذا يسمح بمعرفة أداء الافتصاد ككل أو ردة فعله للظروف المختلفة فدول منظمة الأوبك لها حساسية خاصة لتقلبات أسعار النقط وبالمثل أسعار القهوة بالنسبة للبرازيل وتتأثر أسعار المواد الغذائية بسياسات أوروبا الزراعية .
وبموجب أسلوب حسابات ميزان المدفوعات فإن مدخلاً في الجانب الدائن يعني زيادة القوة الشرائية للبلاد في الخارج ويفهم أنه زيادة في الطلب على العملة المحلية إذن فهناك علاقة بين ميزان المدفوعات وأسعار الصرف .
ولهذه المبادلات أهمية خاصة في التحليل الاقتصادي لأنها تتعلق بالمنظورات وغير المنظورات فإذا كان ميزان الحساب الجاري على سبيل المثال في حالة فائض فإن ذلك يعني أن الدولة تكسب اكثر مما تدفع مقابل بقية دول العالم فهي تزيد ن مطالبها المالية لدى الدول الأخرى ، كما أن ميزان الحساب الجاري يتأثر بسرعة بالمتغيرات الاقتصادية فهو يتأثر بتغيرات أسعار الصرف الحقيقية ومعدلات النمو المحلية والدولية ومعدلات التضخم النسبية .
أما المبادلات التعويضية فهي تعوض الفوارق بين الدفعات الداخلة والأخرى الخارجة الى البلاد ومنها من المبادلات المستقلة فهي تلك الخطوات التي تقوم بها سلطات النقد فهي إذا مبادلات الهدف منها تمويل الاختلالات المتعلقة بالمبادلات المستقلة .