قد يستغرب أغلب من يقرأ هذا العنوان وقد يظن البعض أنني أتكلم عن موضوع خارج التخصص المحاسبي والإداري ولكن على العكس فأنا سأتحدث اليوم في صلب التخصص و عن قضية هامة جداً ألا وهي هل يعتبر البشر أصولاًً ؟؟وهل يجب أن نعامل البشر كأصول في القوائم المالية ؟؟؟
إن القضية الأساسية ليست هي ما إذا كان الأفراد في حد ذاتهم يمكن أن يعاملوا كأصول بالقوائم المالية فخدمات الأفراد من المتوقع أن توفر أصلاً للمنشأة وبالتالي فالسؤال هو : هل يجب معاملة الاستثمارات في الموارد البشرية كأصول للمنشأة ؟؟؟
كما نعلم جميعاً أن المحاسبة تهتم بعدد من العناصر الهامة المؤثرة على أي منشأة وأحد أهم ما لا يفصح عنه بالقوائم المالية هو المعلومات عن رأس المال البشري المستخدم ( الأصول أو الموارد ) البشرية .
والإشارة الوحيدة عن الموارد البشرية هي الحسابات المتعلقة بالأجور والمرتبات في قائمة الدخل أما في الميزانية فإنها لا تظهر ، ومنذ زمن بعيد ذكر ألفريد مرشال أن أكثر الممتلكات قيمة هي تلك المستثمرة في الإنسان ومن ذلك الوقت لم يتم الفصل بين رأس المال البشري كمورد للدخل وبين رأس المال غير البشري .
ورأس المال كما يفهم من النظرية الإقتصادية هو مورد لتدفق الدخل وقيمته تقاس بالقيمة الحالية لتدفقات الدخل الناتجة منه ، ولكن في المحاسبة رأس المال الغير بشري يسجل في الدفاتر ويذكر في القوائم المالية بينما الموارد البشرية يتم تجاهلها تماماً .
وسبب فشل المحاسبين في التعرف على رأس المال البشري كأصل يمكن أن نجده في الطريقة التي تطورت بها المحاسبة تاريخياً ، فسجلات المحاسبة الرومانية تظهر ملكية العبيد كأصل ولكن المحاسبة في وقتنا المعاصر أخذت طريقها في المجتمع الرأسمالي وقيمه والذي يقوم على إستخدام العمال فقط وليس تملكهم ويمكن النظر إلى وقت قريب في مزارع القصب في الوست انديز ومزارع القطن في أمريكا الجنوبية حيث كانتا قائمتين على إستخدام العبيد وأستلزم الأمر نصاً دستورياً في الحالة الأولى وحروب أهلية في الحالة الثانية .
وكانت الإجراءات المحاسبية تقوم بإظهار قيمة العبيد مثل الأصول الأخرى في الميزانية العمومية ويتفق هذا الأسلوب مع توصيات بكيلو الخاصة بتسجيل الأصول الناتجة عن العمليات المالية وهنا تظهر أهمية الفصل بين رأس المال البشري وغير البشري ، وأنا هنا لا أدعو إلى إعادة نظام العبودية فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرمه وجعله خليفة في الآرض حتى يعبده ولا يعبد سواه قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) صدق الله العظيم ولكن يجب أن نعرف أن العنصر البشري في المنشأة هو أساس تحقيق الكفاية الإنتاجية كمدخل لتعظيم الأرباح .
للأصل عدة تعريفات تختلف بإختلاف وجهة النظر المتبعة فمن وجهة نظر أصحاب المشروع إلى وجهة نظر الإدارة ووجهة نظر المشروع نفسه ولمن يريد المزيد حول هذا الموضوع فعليه متابعة تدوينة الأصول على هذا الرابط
http://almohasb1.blogspot.com/2008/12/assets.html
إن للأصول خصائص معينة متعارف عليها في الأدب المحاسبي وهي في حد ذاتها تمثل معايير يتم الأخذ بها لتسمية الأصل من عدمه وهي كالتالي :
1- معيار الملكية : أن يكون الأصل مملوك للمنشأة وله حرية التصرف فيه وبالتالي الحق في الحصول على المنافع من استخدامه .
2- معيار الخدمات المستقبلة : إن الشي إذا لم يكن يتوقع منه تقديم خدمات مستقبلة للمنشأة تمتد لأكثر من فترة محاسبية فلا يمكن إعتباره أصل .
3- معيار المقدرة الإنتاجية : أن يكون الأصل قادر على تحقيق إيراد وعائد فالغرض منه هو استخدامه في الإنتاج .
وحتى أبين مدى توافر وتطابق هذه الخصائص في الأصول ( الموارد البشرية ) فكان لا بد من تناول كل خاصية على حده من خلال آراء المؤيدين والمعارضين في ذلك وذلك على النحو التالي :
1 - معيار الملكية :
إن المورد يجب أن يكون مملوكاً للمنشأة حتى يكون ضمن الأصول ووجهة النظر هذه لها عدة إنتقادات أهمها :
* إن إرتباط الأصل بالملكية لا يكفي للدلالة على كثير من البنود التي تظهر في قائمة المركز المالي والتي يعتبرها المحاسبون أصولاً مثل مصروفات التأسيس وشهرة المحل وغيره فهي لا تتصف بأي صفة من صفات الملكية على الرغم من إعتبارها أصولاً .
* هناك فارق بين الحائز على الأصول وبين المالك الحقيقي لها ففي حين أن الشركة هي الحائزة للأصول لفترة محددة فإن الملاك الحقيقين للأصول هم أصحاب الإستثمارات طويلة الأجل سواء كانوا شركاء أو مساهمين.
* إن الإعتماد على الملكية كمعيار فاصل في إعتبار الموارد البشرية أصولاً يعتبر مبالغ فيه حيث توجد موارد أخر لا يمتلكها المشروع وتعتبر أصول .
وعلى الرغم من الإنتقادات السابقة فلا بد من ضرورة معالجة الملكية في ظل الأصول أو الموارد البشرية وفي هذا الموضوع إنقسم الكتاب والباحثون إلى معارض إعتبار الموارد البشرية أصولاً وإلى من يؤيد هذه الفكرة .
آراء المعارضون
نادى مجموعة من الكتاب بعدم إعتبار الموارد البشرية أصولاً لأنها لا تخضع للملكية أو التملك فالبشر لا يمكن إمتلاكهم وبالتالي من الصعب إظهارهم في قائمة المركز المالي ، وهذا يرجع إلى تعريف الأصل الذي يركز على الملكية وتوليد خدمة أو منفعة في المستقبل حيث ينظر للشخص على أنه محل للحق وليس على أساس إعتباره أصلاً من الأصول .
آراء المؤيدون
على عكس الرأي السابق فقد نادى مجموعة من الكتاب بإعتبار الموارد البشرية أصولاً وحجتهم في ذلك : طالما أن الموظفين يمكن إحلالهم وإستبدالهم بغيرهم فإنه لا يعنينا ما إذا كانت قوة العمل هذه تحوي وتتضمن دائماً نفس الأشخاص أو أنها مجموعة متغيرة تغيراً سريعاً فقوة العمل ككل تكون دائماً مرتبطة بالمنشأة مما يمكن معه النظر تبعاً لذلك على أنها مملوكه بواسطته .
وحتى يمكن أن نطبق معيار الملكية على الموارد البشرية فيجب أن تعالج من زاويتين أولهما الملكية بمفهومها القانوني والثانية الملكية بمفهومها الإقتصادي .
الملكية بمفهومها القانوني
في ظل هذا المفهوم فإن الأصل يتصف بالملكية القانونية إذا ما توفرت مجموعة من الشواهد أهمها :
* حيازة الأصل
* الرقابة الكاملة على الأصل
* القدرة على التصرف في الأصل
الملكية بمفهومها الإقتصادي
في ظل هذا المفهوم والذي يرتكز على أن المورد يدخل ضمن الأصول إذا ما توافر فيه عناصر الملكية الإقتصادية وهي الإدارة والمخاطرة والربح .
بالنسبة لعنصر الإدارة فالمنشأة لها الحق في إدارة القوة العاملة بالأسلوب الذي يحقق أهدافها عن طريق تخطيط وتنسيق الجهود البشرية والرقابة عليها وعلى الإفراد إحترام سياسات المنشأة ولوائحها التنظيمية ، أما من حيث عنصر المخاطرة فالمنشأة تتحمل قدر من المخاطرة بإستخدام القوة العاملة وتكون درجة المخاطرة كبيرة وذلك بسبب العالم السلوكي الذي يؤثر بدرجة كبيرة في تشغيل القوى العاملة ، أما من حيث عنصر الربح فالمنشأة تتوقع عند استخدام الأصول البشرية تحقيق عائد مناسب يتمثل في الفرق بين الخدمات المستقبلة المتوقعة وبين المدفوعات للأصول البشرية .
2- معيار الخدمات المستقبلة :
إن تعريف الأصل بكونه مصدر منافع إقتصادية مستقبلة يتضمن ثلاثة عناصر :
* أن يكون هناك توقع لمنافع إقتصادية مستقبلة .
* إمكانية قياس هذه المنافع .
* أن يكون للمنشأة التي تثبت الأصل في سجلاتها الحق في إستلام هذه المنافع .
ونلاحظ أن الأصول البشرية تساهم في تحقيق منافع إقتصادية ومستقبلة وذلك من خلال مقدرتها الإنتاجية كما أنه يمكن قياس هذه المنافع بطريقة ما بالرغم من صعوبة في فصل الجزء الخاص بالأصول البشرية عن الجزء الخاص بالأصول المادية ، كما أن الأصول البشرية تعد من ضمن الأصول المملوكة قانوناً بإعتبار قوة العمل جزء متكامل .
ولكن هناك من يرى وجود حالة من عدم التأكد عالية جداً بالنسبة لتحقق الخدمات المستقبلة للأصول البشرية لأن الأفراد لديهم حرية في ترك العمل في أي وقت كما أنه لا يمكن قياس الأصول البشرية من الناحية العملية .
وإن تم تطبيق الرأي السابق بحذافيره وبشكل جامد فهو أمر غير مرغوب به حيث أكدت جمعية المحاسبين الأمريكيين أن المنافع الناتجة عن خدمات العاملين يمكن أن نعاملها كأصول .
3- معيار المقدرة الإنتاجية :
إن الغرض من الأصول هو إستخدامها في الإنتاج ولكون عنصر العمل كأحد عناصر المدخلات في العملية الإنتاجية في كافة المشروعات مهما إختلفت طبيعتها ، فعنصر العمل عنصر مؤثر على كافة العناصر الأخرى .
فالمقدرة الإنتاجية للأصول البشرية تمثل عنصر العمل الذي يساهم مع باقي عوامل الإنتاج في تحقيق المقدرة الربحية للمنشأة من خلال جانبين :
الجانب الأول وهو المساهمة المباشرة لعنصر العمل في أرباح المنشأة أي الأرباح التي تعود إلى مجهود عنصر العمل ، أما الجانب الثاني فيتمثل في تأثير عنصر العمل على عناصر الإنتاج الأخرى .
والدليل على كون الأصول البشرية ذات مقدرة إنتاجية هو أن معظم نماذج قياس هذه الأصول المقدمة في الأدب المحاسبي قد إتخذت الأرباح الزائدة عن المعدل العادي كأساس لتقييم الموارد البشرية على إعتبار أن هذه الأرباح من إنتاج الأصول البشرية ذات القدرة غير العادية .
وفيما يلي كان لا بد أن أقارن بين الموارد المادية والموارد البشرية من خلال مجموعة من عناصر المقارنة وعلى النحو التالي :
1- المنافع المتوقعة من الأصل
الموارد المادية : تتمثل الموارد المادية في صورة مصروف رأسمالي على سبيل المثال المصروفات التي يترتب عليها إدرار منافع تمتد لأكثر من فترة محاسبية .
الموارد البشرية : تؤدي إلى إحتمال الحصول على منافع مستقبلة تمتد لأكثر من فترة مالية لما يترتب عليها من صقل للخبرة وزيادة الكفاءة .
2- الأحداث الإقتصادية التي يترتب عليها فرض رقابة على المورد
الموارد المادية : تتمثل في الأموال التي يتم دفعها كقيمة شرائية للمورد وفي بعض الأحيان نجد أن هذا الإعتبار غير هام حيث تعتبر بعض البنود كأصول نتيجة لعملية الإهداء أو الإكتشاف .
الموارد البشرية : إن العملية الإقتصادية للشراء تعد غير هامة حيث ان الرقابة على المورد يتم ضمانها من خلال الولاء ويتم الحقاظ على ذلك الولاء عن طريق عمليات إقتصادية غير مباشرة في صورة حياة حسنة للعاملين .
3- الرقابة على المورد
الموارد المادية : للمنشأة رقابة مطلقة للمورد نتيجة لعامل الملكية بحيث لا تسمح للمنشأت الأخرى بالإستفادة من المورد وقد تكون الرقابة محدودة كما هو الحال لدى إستئجار آلة لبضع ساعات حيث يمكن للمنشأت الأخرى الإستفادة بخدمات تلك الآلة في الساعات الأخرى من اليوم .
الموارد البشرية : نظراً لأن القوى البشرية لا يمكن إمتلاكها فإن لها الحق في ممارسة أي نشاط في غير أوقات العمل الرسمية لا يترتب عليه أضرار بالعمل الأصلي .
4- إنقطاع الخدمات
الموارد المادية : إن تواجد الأصل يعني وجود حق قانوني بالنسبة للمنافع المستقبلة كذلك نجد أن المنافع المستقبلة لا تنقطع بالرغبة أو بإعطاء تحذير كما هو الحال في الموارد البشرية .
الموارد البشرية : لا يوجد حق مطلق في المنافع المستقبلة فمعظم العاملين باستثناء أولئك الذين يخضعون لعقود تمتد لمدة طويلة ثابتة لهم ترك المنشأة قبل وقت التقاعد لعدة أسباب إختيارية ويمكن للمنشأة المحافظة على الخدمات المستقبلة للعاملين بالحافظة على ولائهم عن طريق تحسين ظروف وأحوال العمل .
5- الإستغناء عن الأصل
الموارد المادية : قد يتم في شكل إعادة بيعة أو في حالة تخريده وهنا فصاحب الأصل المادي له القدرة المطلقة في الإستغناء عن الأًصل .
الموارد البشرية : لا يمكن الإستغناء عن المورد البشري نتيجة إعادة البيع لأنه لا يخضع لعملية المتاجرة في السوق ولكن يمكن الإستغناء عنه في حالات العجز أو الإصابة مقابل تعويض مناسب أو في حالة الإندماج والتصفية .
6- العائد من عملية الإستغناء
الموارد المادية : قد يكون العائد موجب في حالة إرتفاع قيمة البيع عن قيمة التكلفة وقد يكون العائد سالب في حالة إنخفاض قيمة البيع عن قيمة التكلفة .
الموارد البشرية : إذا قام رب العمل بالإستغناء عن العامل من خلال قوانين التأمينات فإنه سوف يقوم بدفع معاش له لا يقابله خدمة أو منفعة .
7- معدل الدوران
الموارد المادية : يوجد إستمرار بالنسبة لطول الحياة الإقتصادية التي يتوقع أن يقدم فيها الأصل خدماته .
الموارد البشرية : يصعب تقدير معدلات الدوران أو التنبؤ بها فمن الصعوبة الإعتماد على تنبؤات موثوق بها عن استقرار العاملين بالإعتماد على طول فترة الخدمة المتوقعة كما أن هذا المورد يتلاشى برجة أكبر من أي مورد أخر .
8- مكونات المورد
الموارد المادية : تشتمل مكونات المورد المادي على البنود التي تنساب منها الفوائد والإستخدامات التي تعود مباشرة على المنشأة .
الموارد البشرية : تعود منافع وإستخدامات مكون واحد من مكونات الموارد البشرية على المنشأة مباشرة ويتمثل هذا المكون في العاملين فهم المورد الداخلي للمنشأة وكذلك يوجد منافع غير مباشرة على المنشأة من موارد بشرية خارجية تتمثل في المستهلكين .
9- تكاليف صيانة المورد
الموارد المادية : تستمر مصاريف الصيانة والإصلاح حتى تجعل الأًصل في وضع يساير التغيرات الفنية والتكنولوجية .
الموارد البشرية : تشمل تكاليف الصيانة على توفير أفضل ظروف للعمل من مزايا نقدية وعينية ورعاية صحية ...إلخ من أجل توفير نوع من الولاء بين المنشأة والعاملين وتقوية الروابط فيما بينهما .
إن القضية الأساسية ليست هي ما إذا كان الأفراد في حد ذاتهم يمكن أن يعاملوا كأصول بالقوائم المالية فخدمات الأفراد من المتوقع أن توفر أصلاً للمنشأة وبالتالي فالسؤال هو : هل يجب معاملة الاستثمارات في الموارد البشرية كأصول للمنشأة ؟؟؟
كما نعلم جميعاً أن المحاسبة تهتم بعدد من العناصر الهامة المؤثرة على أي منشأة وأحد أهم ما لا يفصح عنه بالقوائم المالية هو المعلومات عن رأس المال البشري المستخدم ( الأصول أو الموارد ) البشرية .
والإشارة الوحيدة عن الموارد البشرية هي الحسابات المتعلقة بالأجور والمرتبات في قائمة الدخل أما في الميزانية فإنها لا تظهر ، ومنذ زمن بعيد ذكر ألفريد مرشال أن أكثر الممتلكات قيمة هي تلك المستثمرة في الإنسان ومن ذلك الوقت لم يتم الفصل بين رأس المال البشري كمورد للدخل وبين رأس المال غير البشري .
ورأس المال كما يفهم من النظرية الإقتصادية هو مورد لتدفق الدخل وقيمته تقاس بالقيمة الحالية لتدفقات الدخل الناتجة منه ، ولكن في المحاسبة رأس المال الغير بشري يسجل في الدفاتر ويذكر في القوائم المالية بينما الموارد البشرية يتم تجاهلها تماماً .
وسبب فشل المحاسبين في التعرف على رأس المال البشري كأصل يمكن أن نجده في الطريقة التي تطورت بها المحاسبة تاريخياً ، فسجلات المحاسبة الرومانية تظهر ملكية العبيد كأصل ولكن المحاسبة في وقتنا المعاصر أخذت طريقها في المجتمع الرأسمالي وقيمه والذي يقوم على إستخدام العمال فقط وليس تملكهم ويمكن النظر إلى وقت قريب في مزارع القصب في الوست انديز ومزارع القطن في أمريكا الجنوبية حيث كانتا قائمتين على إستخدام العبيد وأستلزم الأمر نصاً دستورياً في الحالة الأولى وحروب أهلية في الحالة الثانية .
وكانت الإجراءات المحاسبية تقوم بإظهار قيمة العبيد مثل الأصول الأخرى في الميزانية العمومية ويتفق هذا الأسلوب مع توصيات بكيلو الخاصة بتسجيل الأصول الناتجة عن العمليات المالية وهنا تظهر أهمية الفصل بين رأس المال البشري وغير البشري ، وأنا هنا لا أدعو إلى إعادة نظام العبودية فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وكرمه وجعله خليفة في الآرض حتى يعبده ولا يعبد سواه قال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) صدق الله العظيم ولكن يجب أن نعرف أن العنصر البشري في المنشأة هو أساس تحقيق الكفاية الإنتاجية كمدخل لتعظيم الأرباح .
للأصل عدة تعريفات تختلف بإختلاف وجهة النظر المتبعة فمن وجهة نظر أصحاب المشروع إلى وجهة نظر الإدارة ووجهة نظر المشروع نفسه ولمن يريد المزيد حول هذا الموضوع فعليه متابعة تدوينة الأصول على هذا الرابط
http://almohasb1.blogspot.com/2008/12/assets.html
إن للأصول خصائص معينة متعارف عليها في الأدب المحاسبي وهي في حد ذاتها تمثل معايير يتم الأخذ بها لتسمية الأصل من عدمه وهي كالتالي :
1- معيار الملكية : أن يكون الأصل مملوك للمنشأة وله حرية التصرف فيه وبالتالي الحق في الحصول على المنافع من استخدامه .
2- معيار الخدمات المستقبلة : إن الشي إذا لم يكن يتوقع منه تقديم خدمات مستقبلة للمنشأة تمتد لأكثر من فترة محاسبية فلا يمكن إعتباره أصل .
3- معيار المقدرة الإنتاجية : أن يكون الأصل قادر على تحقيق إيراد وعائد فالغرض منه هو استخدامه في الإنتاج .
وحتى أبين مدى توافر وتطابق هذه الخصائص في الأصول ( الموارد البشرية ) فكان لا بد من تناول كل خاصية على حده من خلال آراء المؤيدين والمعارضين في ذلك وذلك على النحو التالي :
1 - معيار الملكية :
إن المورد يجب أن يكون مملوكاً للمنشأة حتى يكون ضمن الأصول ووجهة النظر هذه لها عدة إنتقادات أهمها :
* إن إرتباط الأصل بالملكية لا يكفي للدلالة على كثير من البنود التي تظهر في قائمة المركز المالي والتي يعتبرها المحاسبون أصولاً مثل مصروفات التأسيس وشهرة المحل وغيره فهي لا تتصف بأي صفة من صفات الملكية على الرغم من إعتبارها أصولاً .
* هناك فارق بين الحائز على الأصول وبين المالك الحقيقي لها ففي حين أن الشركة هي الحائزة للأصول لفترة محددة فإن الملاك الحقيقين للأصول هم أصحاب الإستثمارات طويلة الأجل سواء كانوا شركاء أو مساهمين.
* إن الإعتماد على الملكية كمعيار فاصل في إعتبار الموارد البشرية أصولاً يعتبر مبالغ فيه حيث توجد موارد أخر لا يمتلكها المشروع وتعتبر أصول .
وعلى الرغم من الإنتقادات السابقة فلا بد من ضرورة معالجة الملكية في ظل الأصول أو الموارد البشرية وفي هذا الموضوع إنقسم الكتاب والباحثون إلى معارض إعتبار الموارد البشرية أصولاً وإلى من يؤيد هذه الفكرة .
آراء المعارضون
نادى مجموعة من الكتاب بعدم إعتبار الموارد البشرية أصولاً لأنها لا تخضع للملكية أو التملك فالبشر لا يمكن إمتلاكهم وبالتالي من الصعب إظهارهم في قائمة المركز المالي ، وهذا يرجع إلى تعريف الأصل الذي يركز على الملكية وتوليد خدمة أو منفعة في المستقبل حيث ينظر للشخص على أنه محل للحق وليس على أساس إعتباره أصلاً من الأصول .
آراء المؤيدون
على عكس الرأي السابق فقد نادى مجموعة من الكتاب بإعتبار الموارد البشرية أصولاً وحجتهم في ذلك : طالما أن الموظفين يمكن إحلالهم وإستبدالهم بغيرهم فإنه لا يعنينا ما إذا كانت قوة العمل هذه تحوي وتتضمن دائماً نفس الأشخاص أو أنها مجموعة متغيرة تغيراً سريعاً فقوة العمل ككل تكون دائماً مرتبطة بالمنشأة مما يمكن معه النظر تبعاً لذلك على أنها مملوكه بواسطته .
وحتى يمكن أن نطبق معيار الملكية على الموارد البشرية فيجب أن تعالج من زاويتين أولهما الملكية بمفهومها القانوني والثانية الملكية بمفهومها الإقتصادي .
الملكية بمفهومها القانوني
في ظل هذا المفهوم فإن الأصل يتصف بالملكية القانونية إذا ما توفرت مجموعة من الشواهد أهمها :
* حيازة الأصل
* الرقابة الكاملة على الأصل
* القدرة على التصرف في الأصل
الملكية بمفهومها الإقتصادي
في ظل هذا المفهوم والذي يرتكز على أن المورد يدخل ضمن الأصول إذا ما توافر فيه عناصر الملكية الإقتصادية وهي الإدارة والمخاطرة والربح .
بالنسبة لعنصر الإدارة فالمنشأة لها الحق في إدارة القوة العاملة بالأسلوب الذي يحقق أهدافها عن طريق تخطيط وتنسيق الجهود البشرية والرقابة عليها وعلى الإفراد إحترام سياسات المنشأة ولوائحها التنظيمية ، أما من حيث عنصر المخاطرة فالمنشأة تتحمل قدر من المخاطرة بإستخدام القوة العاملة وتكون درجة المخاطرة كبيرة وذلك بسبب العالم السلوكي الذي يؤثر بدرجة كبيرة في تشغيل القوى العاملة ، أما من حيث عنصر الربح فالمنشأة تتوقع عند استخدام الأصول البشرية تحقيق عائد مناسب يتمثل في الفرق بين الخدمات المستقبلة المتوقعة وبين المدفوعات للأصول البشرية .
2- معيار الخدمات المستقبلة :
إن تعريف الأصل بكونه مصدر منافع إقتصادية مستقبلة يتضمن ثلاثة عناصر :
* أن يكون هناك توقع لمنافع إقتصادية مستقبلة .
* إمكانية قياس هذه المنافع .
* أن يكون للمنشأة التي تثبت الأصل في سجلاتها الحق في إستلام هذه المنافع .
ونلاحظ أن الأصول البشرية تساهم في تحقيق منافع إقتصادية ومستقبلة وذلك من خلال مقدرتها الإنتاجية كما أنه يمكن قياس هذه المنافع بطريقة ما بالرغم من صعوبة في فصل الجزء الخاص بالأصول البشرية عن الجزء الخاص بالأصول المادية ، كما أن الأصول البشرية تعد من ضمن الأصول المملوكة قانوناً بإعتبار قوة العمل جزء متكامل .
ولكن هناك من يرى وجود حالة من عدم التأكد عالية جداً بالنسبة لتحقق الخدمات المستقبلة للأصول البشرية لأن الأفراد لديهم حرية في ترك العمل في أي وقت كما أنه لا يمكن قياس الأصول البشرية من الناحية العملية .
وإن تم تطبيق الرأي السابق بحذافيره وبشكل جامد فهو أمر غير مرغوب به حيث أكدت جمعية المحاسبين الأمريكيين أن المنافع الناتجة عن خدمات العاملين يمكن أن نعاملها كأصول .
3- معيار المقدرة الإنتاجية :
إن الغرض من الأصول هو إستخدامها في الإنتاج ولكون عنصر العمل كأحد عناصر المدخلات في العملية الإنتاجية في كافة المشروعات مهما إختلفت طبيعتها ، فعنصر العمل عنصر مؤثر على كافة العناصر الأخرى .
فالمقدرة الإنتاجية للأصول البشرية تمثل عنصر العمل الذي يساهم مع باقي عوامل الإنتاج في تحقيق المقدرة الربحية للمنشأة من خلال جانبين :
الجانب الأول وهو المساهمة المباشرة لعنصر العمل في أرباح المنشأة أي الأرباح التي تعود إلى مجهود عنصر العمل ، أما الجانب الثاني فيتمثل في تأثير عنصر العمل على عناصر الإنتاج الأخرى .
والدليل على كون الأصول البشرية ذات مقدرة إنتاجية هو أن معظم نماذج قياس هذه الأصول المقدمة في الأدب المحاسبي قد إتخذت الأرباح الزائدة عن المعدل العادي كأساس لتقييم الموارد البشرية على إعتبار أن هذه الأرباح من إنتاج الأصول البشرية ذات القدرة غير العادية .
وفيما يلي كان لا بد أن أقارن بين الموارد المادية والموارد البشرية من خلال مجموعة من عناصر المقارنة وعلى النحو التالي :
1- المنافع المتوقعة من الأصل
الموارد المادية : تتمثل الموارد المادية في صورة مصروف رأسمالي على سبيل المثال المصروفات التي يترتب عليها إدرار منافع تمتد لأكثر من فترة محاسبية .
الموارد البشرية : تؤدي إلى إحتمال الحصول على منافع مستقبلة تمتد لأكثر من فترة مالية لما يترتب عليها من صقل للخبرة وزيادة الكفاءة .
2- الأحداث الإقتصادية التي يترتب عليها فرض رقابة على المورد
الموارد المادية : تتمثل في الأموال التي يتم دفعها كقيمة شرائية للمورد وفي بعض الأحيان نجد أن هذا الإعتبار غير هام حيث تعتبر بعض البنود كأصول نتيجة لعملية الإهداء أو الإكتشاف .
الموارد البشرية : إن العملية الإقتصادية للشراء تعد غير هامة حيث ان الرقابة على المورد يتم ضمانها من خلال الولاء ويتم الحقاظ على ذلك الولاء عن طريق عمليات إقتصادية غير مباشرة في صورة حياة حسنة للعاملين .
3- الرقابة على المورد
الموارد المادية : للمنشأة رقابة مطلقة للمورد نتيجة لعامل الملكية بحيث لا تسمح للمنشأت الأخرى بالإستفادة من المورد وقد تكون الرقابة محدودة كما هو الحال لدى إستئجار آلة لبضع ساعات حيث يمكن للمنشأت الأخرى الإستفادة بخدمات تلك الآلة في الساعات الأخرى من اليوم .
الموارد البشرية : نظراً لأن القوى البشرية لا يمكن إمتلاكها فإن لها الحق في ممارسة أي نشاط في غير أوقات العمل الرسمية لا يترتب عليه أضرار بالعمل الأصلي .
4- إنقطاع الخدمات
الموارد المادية : إن تواجد الأصل يعني وجود حق قانوني بالنسبة للمنافع المستقبلة كذلك نجد أن المنافع المستقبلة لا تنقطع بالرغبة أو بإعطاء تحذير كما هو الحال في الموارد البشرية .
الموارد البشرية : لا يوجد حق مطلق في المنافع المستقبلة فمعظم العاملين باستثناء أولئك الذين يخضعون لعقود تمتد لمدة طويلة ثابتة لهم ترك المنشأة قبل وقت التقاعد لعدة أسباب إختيارية ويمكن للمنشأة المحافظة على الخدمات المستقبلة للعاملين بالحافظة على ولائهم عن طريق تحسين ظروف وأحوال العمل .
5- الإستغناء عن الأصل
الموارد المادية : قد يتم في شكل إعادة بيعة أو في حالة تخريده وهنا فصاحب الأصل المادي له القدرة المطلقة في الإستغناء عن الأًصل .
الموارد البشرية : لا يمكن الإستغناء عن المورد البشري نتيجة إعادة البيع لأنه لا يخضع لعملية المتاجرة في السوق ولكن يمكن الإستغناء عنه في حالات العجز أو الإصابة مقابل تعويض مناسب أو في حالة الإندماج والتصفية .
6- العائد من عملية الإستغناء
الموارد المادية : قد يكون العائد موجب في حالة إرتفاع قيمة البيع عن قيمة التكلفة وقد يكون العائد سالب في حالة إنخفاض قيمة البيع عن قيمة التكلفة .
الموارد البشرية : إذا قام رب العمل بالإستغناء عن العامل من خلال قوانين التأمينات فإنه سوف يقوم بدفع معاش له لا يقابله خدمة أو منفعة .
7- معدل الدوران
الموارد المادية : يوجد إستمرار بالنسبة لطول الحياة الإقتصادية التي يتوقع أن يقدم فيها الأصل خدماته .
الموارد البشرية : يصعب تقدير معدلات الدوران أو التنبؤ بها فمن الصعوبة الإعتماد على تنبؤات موثوق بها عن استقرار العاملين بالإعتماد على طول فترة الخدمة المتوقعة كما أن هذا المورد يتلاشى برجة أكبر من أي مورد أخر .
8- مكونات المورد
الموارد المادية : تشتمل مكونات المورد المادي على البنود التي تنساب منها الفوائد والإستخدامات التي تعود مباشرة على المنشأة .
الموارد البشرية : تعود منافع وإستخدامات مكون واحد من مكونات الموارد البشرية على المنشأة مباشرة ويتمثل هذا المكون في العاملين فهم المورد الداخلي للمنشأة وكذلك يوجد منافع غير مباشرة على المنشأة من موارد بشرية خارجية تتمثل في المستهلكين .
9- تكاليف صيانة المورد
الموارد المادية : تستمر مصاريف الصيانة والإصلاح حتى تجعل الأًصل في وضع يساير التغيرات الفنية والتكنولوجية .
الموارد البشرية : تشمل تكاليف الصيانة على توفير أفضل ظروف للعمل من مزايا نقدية وعينية ورعاية صحية ...إلخ من أجل توفير نوع من الولاء بين المنشأة والعاملين وتقوية الروابط فيما بينهما .