الأزمة المالية الحاصلة الأن ليست وليدة اللحظة بل لها جذورها في الولايات المتحدة الأمريكية والغريب في ذلك ان عدوى الأزمة انتقلت الى جميع أنحاء العالم وحتى في دول لا يوجد فيها أي استثمار أمريكي وما نشاهده من الانهيار الحاصل في أسواق البورصة العربية اكبر دليل على ذلك ودعوني أرجع معكم للوراء لمعرفة جذور هذه الازمة وعلى لسان السيد / جورج تريفيساني محلل السوق الرئيسي في شركة FXSOL في تحليله للسوق يوم 23/9/2008
"إن الخطوط العريضة للأزمة المالية والائتمانية هي واضحة على الرغم من أنه سيتم مناقشة الملامة بشكل أكثر في المستقبل. وقد لعبت الأسباب الثلاثة الرئيسية على مدى العقد الماضي وبلغت ذروتها في أحداث صاخبة من خلال الأسبوعين الماضيين مع الحكومة الاتحادية الأمريكية يوم الجمعة طارحة خطة لشراء السكن القائم على الديون المعدومة لكامل النظام المالي في الولايات المتحدة. في الجزء الأول من هذا العقد احتفظ مجلس الاحتياطي الاتحادي بأسعار الفائدة بمستويات منخفضة تاريخية لمدة ثلاث سنوات. وفي قطاع الرهن العقاري تم التشجيع لتراخي معايير الائتمان بشكل متزايد من جانب ضغط الحكومة لإقراض الهامش الى العملاء. وأخيرا أصبحت الشركات المالية في وول ستريت طواقة للربحية والأمن المفترض لسلعهم الائتمانية الناتجة المضمونة وليس فقط اصدار للعديد من المنتجات ولكن أيضا تخزين ميزانياتها معهم.
وفي أعقاب آثار أحداث هجمات 11/9 في عام 2001 خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي سعر الفائدة الى النصف، وإلى 1.75%. وستبقى النسبة دون 2.0 ٪ لمدة ثلاث سنوات تقريبا. ان انخفاض تلك النسب الشكلية والسلبية في شروط التضخم الحقيقي المعدل اجج البناء وازدهار شراء المساكن التي تطورت إلى وهم التخمين الضخم. وعندما أعاد مجلس الاحتياطي الاتحادي النسب إلى 5.25% في نهاية يونيو 2006 وبدأ الوهم بانخفاض الأسعار؛ وبدأ الإسكان القائم على أساس أزمة الائتمان منذ أكثر من عام لاحق بشكل قليل. ان أوهام السوق تبرز فجأة. ولعل هبوط سوق الإسكان الآن يبدو أنه مقدرا له مسبقا. ولكن في وقت الخطر لانتشار الرهون العقارية المشبوهة من خلال النظام المالي والمتخفية بالسلع المصممة ماليا فقد أعادت تعبئة الأجزاء المشكوك بها بديون ذو جودة أعلى والذي من المفترض أن يقوم بتأمين الكل مقابل التقصير.
بدءا في السنوات الأخيرة من إدارة كلينتون فان قانون إعادة تطوير المنظومة وبرنامج عصر كارتر كان يتم استخدامه لإرغام المصارف على إقراض القروض العقارية الى الزبائن الغير مؤهلين للحصول على قروض في السابق. وسعيا لهدف اجتماعي وملكية المنازل العالمية حيث المصارف إما خفضت معايير منح الائتمان للقروض العقارية أو واجهت غرامات وجزاءات الأعمال التجارية للخطوط الحمراء. ان المصارف قد امتثلت لأوامر الحكومة.
ان مشروعين من المشاريع التي ترعاها الحكومة (GSEs) في مجال القروض العقارية ورابطة القروض العقارية الاتحادية الوطنية (فاني مي) وشركة القروض العقارية (فريدي ماك) قد اشتروا الكثير من ديون قروض البنك العقارية وباعوها ثانية الى السوق بضمان الحكومة ضمنا والذي كان وراء ذلك. ان البنوك وشركات القروض قد استخدمت النقد الحاصلين عليه لضمان المزيد من القروض وإبقاء تضخيم وهم الإسكان. وكما هو الحال مع المصارف فان GSEs قد جلبت أيضا بعضا من هذه الديون الى ميزانياتها. وفي جميع الأحوال فان هذين المشروعين GSEs قد احتفظوا بعنوان أو لمضمون ارتفاع 70% من القروض العقارية السكنية في الولايات المتحدة. ان وثيقة القروض العقارية هي مستوطنة على الميزانية العمومية للمؤسسات المالية في العالم.
لقد كانت الفوهة - التي من خلالها الكثير من الهواء الذي يقوم بتضخيم وهم الإسكان العابر - الشيئ النافع لالتزام الدين المعزز بالضمانات (CDO) والذي تم تصميمه من قبل بيوت الاستثمار والمصارف الرائدة في وول ستريت. ان الدمج بين مختلف أنواع ودرجات الدين في وسيلة واحدة لهذه الأوراق المالية المعقدة كان من المفترض أن يقوم بتحديد الخطر للكل دون مستوى الأشياء الفردية. ان تعقيدها كثيرا ما يجعلها واضحة إلى وكالات التصنيف والتي يقوم الزبائن المصنفين بشراء الأوراق المالية معتمدين على مقياس الخطر. وعادة ما تباع بالتأمين الغير الموجود, حيث لهذه الأوراق المالية أحد أوجه الضعف الرئيسية والتي تم تقييم ميزانيتهم العمومية ليس من قبل مصادر الدخل الكامنة التي تقوم بها ولكن بسعر بيعهم في السوق الثانوية. إذا لم يكن هناك سوق وإذا لم يكن أحد على استعداد لشراء هذه الأوراق المالية فان قيمة السجل النظرية تنخفض إلى الصفر.
كما ركد سوق الإسكان وانخفض بعد ذلك، فإن قيمة هذه الأوراق النقدية مع مكونات السكن قد انخفضت بينما ارتفعت النسب الافتراضية على القروض العقارية. ولكن أسعار المساكن في الولايات المتحدة قد انخفضت فقط في المتوسط نحو 20 ٪. كيف يمكن لمثل هذ الانحدار الكبير ولكن ليس كارثي أن يقوم بتهديد أسس النظام المالي؟ ان النقطة الجوهرية هي العلامة لطبيعة السوق الآمنة. وكما فقدت الأسواق المالية تدريجيا الثقة في الاوراق المالية المدعومة بالأصول مع استمرار هبوط أسعار السكن وأصبحت العروض لهذه الأوراق المالية نادرة. كلما انخفضت أسعار الأوراق المالية كلما ازداد رأس مال الشركة للتخصيص ولتلبية الحدود التنظيمية. ان الشركات التي تملك كميات كبيرة من هذه الأوراق المالية كانت واقعة في دوامة مع انخفاض قيمة الأوراق المالية أكثر من أي وقت مضى والتي تحتاج إلى كميات كبيرة من رأس المال لدعم الشركات التي قوضت تدريجيا قيمتها وثقة السوق في شركات الأوراق المالية والتي بدورها طالبت دعم المزيد من رأس المال.
لقد كان للولايات المتحدة أوهام في السوق من قبل، ولكن لم يهز شيء النظام المالي الى جوهره ولم يهدد النظام المالي. ما هو الاختلاف هذه المرة؟ ان العامل الذي أخرج خطر وهم سوق الإسكان والانهيار لتهديد النظام المالي لكل الولايات المتحدة والعالم في الواقع كان المشتقات المدعومة بالأصول. ان هذه الوسائل الجديدة والغير مفهومة قد تم اعتمادها من قبل العالم المالي لسلامة وسطائها ولعائداتهم المرتفعة. ومع ذلك فان سلامتهم ونوعية تحليلهم المالي والأهم هو أنه لم يتم اختبار الافتراضات بشكل كامل.
ومن أهم الافتراضات التي تقوم عليها هذه الأوراق المالية المشتقة هي قاعدة سعر السوق حتى اللحظة من أجل التقييم. التي تفرضها الجهات التنظيمية في أعقاب فشل إنرون بالذي تفترضه وما يكفي من الطبيعي في الأوقات العادية وسير عمل السوق الثانوي. وكان الغرض لضمان واقعية تسعير الأوراق المالية. والكل على ما يرام مع الأسس ما لم يكن هناك أي سوق. وكما هو الحال مع اخفاق الائتمان ذات الأجل الطويل والذي كان من المفترض بأنه سيكون هناك دائما عامل منظم للسوق ان كان على خطأ. ان الأسواق ليست دائما منطقية، انها طوعية وهي نفسية. وليس على الناس والشركات المشاركة. وعندما يختار المشاركين الكافين في السوق التقشف فان السوق ينهار وجميع الحسابات التي تعتمد على أسعار السوق تكون باطلة.
ان الأسواق هي انعكاسات للثقة والائتمان من المشاركين فيها. وعندما يتم فقدان ذلك فانه لا يمكن لأي قدر من الهندسة المالية أن يعوض عن فقدان السيولة. وأثناء الذعر يتم اختفاء السوق. و المشتقات المدعومة بالأصول جعلت استقرار النظام المالي كله مدين بالفضل لعنصر الأقل استقرارا ولعلم النفس في السوق".